الوهم الاجتماعي سلسلة مقالات اجتماعية المقال السابع عشر بعنوان ( وهم الشهرة الزائفة ) بقلم روماني حلمي . عالم الفن والأدب
”ليس كل من اشتهر قد وصل… فبعض الأسماء تصعد من الوحل لا من القمة
ففي زمن أصبحت فيه الكاميرا في كل يد، والمنصة في متناول الجميع، تحوّلت الشهرة من نتاج جهد حقيقي إلى نتيجة ضوضاء مؤقتة. لم تعد الشهرة حكرًا على الموهوبين أو المبدعين أو أصحاب الرسالة، بل أصبحت تُمنح أحيانًا لمن لا يستحق، وتُنتزع ممن يستحقون ولا يملكون وقتًا للمظاهر.
بات المشهد مزدحمًا بـ“التريندات”، وكل يوم نرى اسمًا جديدًا يتصدر محركات البحث أو مواقع التواصل. لكن السؤال الحقيقي: هل كل من يُشهر اسمه هو ناجح حقًا؟
الإجابة بكل وضوح: لا.
قد يتصدر “حرامي” عناوين الأخبار ويصبح “تريند” ساعاتٍ طويلة، وقد يتناقل الناس صور “مجرم” أو “مزور” أو “مرتشي” وكأنه نجم سينمائي!
فهل نعتبره ناجحًا لأنه اشتهر؟
هل الشهرة التي تأتي من الخطأ تُعدّ وصولًا إلى القمة؟
بالتأكيد لا.
الشهرة في هذه الحالة ليست إلا وصمة، لا وسامًا.
في المقابل، هناك علماء أفنوا أعمارهم في البحث والاكتشاف، وعباقرة يطورون في صمت، ونجوم حقيقيون في مجالاتهم، لا يعرفهم سوى المهتمين بعلمهم أو العاملين في تخصصاتهم. هؤلاء لا يملكون ملايين المتابعين، لكنهم يملكون أثرًا حقيقيًا في حياة الناس، حتى وإن لم تلتقط الكاميرا وجوههم.
المشكلة أن بعض الناس – خصوصًا من الأجيال الصغيرة – صاروا يخلطون بين الشهرة والنجاح، وبين التريند والإنجاز.
يتوهم البعض أن مجرد ظهوره على الشاشة، أو حصوله على آلاف المشاهدات، يعني أنه “وصل” وأنه “نجم”.
لكن الحقيقة أن “النجومية” لا تُقاس بعدد المتابعين، بل بعمق ما تقدّمه وتأثيره الإيجابي في الناس.
الشهرة الزائفة مثل فقاعات الصابون، تلمع لحظة وتختفي بعدها في الهواء.
أما النجاح الحقيقي، فهو جذور راسخة في الأرض، تُثمر كلما مرّ الزمن.
وكما تعودنا في نهاية كل مقال يا عزيزي القاريء أن أوضح لك وجهة نظري الشخصية أو نصيحتي من واقع خبرتي الشخصية ولك الحق أن تقتنع أو تختلف معي ولكن دعني اقول
إلى كل من يظن أن الشهرة هي القمة… تذكّر أن القمة الحقيقية ليست أن يعرفك الجميع، بل أن يُقدّرك من يعرفك.
كن صادقًا مع نفسك، واسعَ لأن تترك أثرًا لا أن تترك “مشاهدات”.
فالعالم لا يحتاج مزيدًا من الوجوه التي تملأ الشاشات، بل يحتاج مزيدًا من القلوب والعقول التي تملأ الحياة بالمعنى.

